هي مو مجرد تذكيرات، هي طوق نجاة لطفولتي!

17 December 2023
Mawadda Alsurehi



وحشتوني جدًا

من زمان ماتكلمت معاكم هنا


أحب هذي المساحة جدًا

لأنها المكان اللي دايمًا يتكلم معاكم بحب

عن الكثير من الجذور اللي كانت خلف هذا الموقع

وهذا المكان اللي موجود دايمًا عشان

بطريقة ما ياخذكم بالأحضان


مؤخرًا كنت اتكلم مع صديقة عن الأشياء اللي انقذت طفولتي -بلطف من الله أكيد- بطريقة ما

وممكن لو اني شخص ماينتبه للتفاصيل.. ماكنت راح اعرف وانتبه لهذي النقطة

لكن شوفوا العجيب كيف هذا الشي واضح جدًا جدًا في أغابي

مين يصدق انه موجود من طفولتي؟


اتذكر من الأشياء اللي ساهمت اكيد بنوبات الهلع والقلق اللي عشته وانا بالغة

اني كنت طفلة عايشة في مكان معيّن، الين قرر احد الأبوين انه -يقهر- الطرف الآخر

و اخذني مشوار ولا رجّعني

لا لغرفتي، ولا لحضن جدتي، ولا لألعابي، ولا للسرير اللي كل يوم أصحى وانام فيه

وانا متوقعه وعارفه ايش راح يكون بكرا

ما اخفيكم اني اكتب لكم الآن ودموعي تصب، مو ألم.. ولكن استوعبت حقيقة

هو ان الأطفال يحتاجوا يعرفوا ايش المتوقع لهم، الطفل يطمئن بالتجذر

الطفل يحتاج يتجذر ويستقر في ظروف ما

وانا الآن كل اللي اسويه.. اني اعلم نفسي كيف اتجذر واعيش اللحظة لأنها انخطفت مني

بوقت ماتوقعته ابدًا

ما انسى اللفة اللي قال لي فيها احدهم وانا عمري 8-9 سنوات: انسي هذاك البيت

مع إن كان المتوقع والمفروض ان احدهم ياخذني مشوار يمشيني ويرجعني ثاني

بس ماعاد رجعت ثاني، لمدة سنوات..

اتوقع لو اوصف لكم من اليوم لبكرا كيف كان الشعور ماراح اخلص

ولكن عشان اختصره هو نفسه اللي يجيني بنوبات الهلع لما كبرت، نفسه بالضبط

وعشان كذا.. انا دايمًا اؤمن ان كل شي نحسه الآن هو له سبب قديم يحتاج

نسلط الضوء عليه ونوقف هذا الملف

هذي القصة بالمناسبة ماعادت تعنيلي او تأثر فيني بأي شكل ولهذا كتبتها لكم

بالعكس القصة هذي ساعدتني كثير لما كبرت

والغرض من ذكرها مو "بحبشة" بملفات قديمة

بل عشان تتصورو الوضع ونوصل لـ لُب القصة يا أصدقاء


وبدأ جزء جديد من طفولتي كل اللي اقدر اقوله، إنه كان مُظلم

ولكن نور الله كان دايمًا يتداخل في زواياه برحمة منه

بعيدًا عن عُقد البالغين اللي كانوا يحيطوني ويستخدموني كـ بطاقة يقهروا فيها بعض

او كـ أداة إيصال رسائل مليانة سموم

كان آخر اليوم مايبقى لي شيء اقدر اقول انه كان له طعم.. إلا مهربي مني و إليّ

برمجت عقلي اني لازم القى شي يبسطني، بس ايش راح يبسطني في مكان

كل الي اقدر اوصفه فيه إنه بلا طعم ولا لون ولا رائحة

رمادي

اللي يبسطني اني اتذكر، فكرة اني راح اكون بخير.. هذي تسعدني جدًا

ان ربي راح يستجيب دعائي يومًا ما.. تبسطني، ترد الحياة لقلبي اللي ماتجاوز 9 أعوام

محد يطمنني ابدًا اني بكون بخير، بالعكس.. اي حركة تصير، اي شي ينرفزهم:

ترا العيد الجاي ماراح نوديك بيت جدك (اللي كنت عايشه فيه)

يعني بالعكس، كلهم كانوا يتفننو بطريقة ما انهم يخطفوا مني الطمأنينة

ولكن اني اتذكر اني بكون بخير، و ان بيجي يوم كل شي ابغاه راح يصير..

كل شي خيالي الصغير اللي ماتجاوز 9 سنوات يبغاه

وكيف كنت راح اقدر اتذكر دايمًا؟

غير اني دايمًا اكون مُحاطة بتذكيرات تطمنني اكلم فيها نفسي، تكلمني بصيغة موجهة لي

كان عندي ملف جيوب امليه قصص وخيالات لأشياء نفسي تصير

كنت دايمًا اعلق حولي قصاصات بسيطة عباره عن كلمتين او كلمة

تكون تمثل اللي يدور في راسي

لأننا احنا، بطبيعتنا البشرية.. خلق الله فينا وضعية النجاة

ومتى ما احتجتها، راح تظهر حتى لو كنت مجرد طفل

كانت دايمًا هذي القصاصات تنقذني، اخذها معايا حتى المدرسة

واخبيها في دفتر العلوم والرياضيات

عشان دايمًا لما اخاف فجأة..


تكون هذي القصاصات موجودة وتذكرني باللي احتاج اتذكره!

كنت دايمًا خايفة، كـ طفل في عمر الكلللل يتغنى في هذا العمر لأنه هذا اكثر عمر يكون فيه حاضر

ماعرفت احضر، ولا عرفت اكون هنا.. ولا كان فيه شي يحمسني اصلًا اني اكون هنا

الا قصاصاتي، الا تذكيراتي.. بعد لطف الله


كنت اقول فيها لنفسي كل شي اتمنى اسمعه - حرفيًا-

لأن محد قد قال لي مودّه ترا راح تكوني بخير.. ولكن قالولي اللي يبغو يوصلوه للغير فقط لاغير

وهذا كان كثيييير جدًا، جدًا على طفلة بهذاك العمر

فكنت دايمًا اسمّع نفسي اللي احتاج اسمعه عشان اهدأ


وتبنّيت هذا الشيء حتى لما كبرت

صرت اعرف، اعرف تمامًا اتحدث لغة الطمأنينة.. هي لغة صدقني او لا!

لغة تمارسها ويفهمها خوفك وتصير تقدر تطمنه بطريقة ما

كبرت وسويت اشياء كثير حاولت من خلالها اساعد نفسي في خوفي

ولكن عرفت شيء اهم.. هو اننا نحتاج دايمًا نكلم نفسنا من خلال اشياءنا


عشان كذا حاجات كثيره في أغاپي عبارة عن تذكيرات

الصراحة مو حاجات كثيرة، هو كل اغابي تقريبا منتجاته تذكيرات

سواء لخوفك، قلقك، افكارك الزايدة، يأسك، احباطك

حتى الكروت ليش سويتها؟

عشانها اسرع و أخف حاجة في يدك بمجرد مايهجم عليك شعور او فكرة..

تقدر تسحب كرت وتشوف ايش يقولك


معرفتي لهذا الشي، ومعرفتي لهذي اللغة وإتقانها

حسيت من الأشياء اللي المفروض اسويها بهذي الحياة اني امرر هذا كله للغير

لأني اعرف.. اعرف أثره كيف

في عالم اصلًا يعطيك مليون سبب عشان تبقى خايف

وبين بشر تحب تمرر الخوف بين بعض


عشان كذا لو تلاحظ وتتصفح اقرب قسم في اغابي

راح تلقى الكلام موجه لك، يكلمك بلغة معينة

لأن هذي اللغة.. لما تكون قدامك دايمًا، بطريقة ما راح تاخذك بالأحضان

في اوقات تحتاج فيها تحس انك راح تكون بخير


هي مو مجرد تذكيرات

هذي هي طوق النجاة - بعد الله- اللي ساعدني في طفولتي

هي سلاحي اللي كان دايمًا يعطيني اسباب للحياة، لأن ما اخفيك..

لما ارجع استرجع مشاعري في طفولتي

كان فيني جانب مليان حب ومتشبع ببراءة الطفولة

ولكن فيه جانب آخر كان -يقاتل- عشان يقدر يستمر يعيش



اعرف انك ممكن تقرأ وتقول كيف طفل كان يفكر كذا

يمكن لأني سمّيت الأشياء بمسمياته بكل شفافيه

ووصفت الوضع كما هو، لأن بالحياة مافي ثوابت ومسلّمات..

ويمكن لو ترجع لطفولتك ومراهقتك

تلاقي نفسك كنت تعيش اشياء كثيرة بهذا العمق

ولكن ماكنت مستوعب

واذا ماكنت.. ابغا اذكرك دايمًا

إن الحياة هذي صعب تشوفها من صالة بيتكم

فإذا كنت ماجربت هذا الشيء، او عشت طفولة بسيطة - الحمدلله-

ماينفع تحسب ان العالم كله نفس صالة البيت اللي ترعرعت طفولتك فيها، بل على العكس تمامًا

معرفتك وشفافيتك وصراحتك في وصف الأمور بدون تزيين ولف ودوران

راح تساعدك كثير بإنك تتجاوز المواقف من البشر خصوصًا

هذا جزء عظيم من التشافي لأن كلنا بلا استثناء نحتاج نتشافى في جانب من جوانبنا


اتوقع اللي كان يتعبني بطفولتي اكثر هو اني كنت اعشق افلام الكرتون

- اللي حُرمت منها بعد هذاك الموقف لأنهم يقولوا انها حرام-

الفرق بين الحياة والعائلة والكوخ الصغير اللي يحضن اطفاله في افلام الكرتون

وفي الواقع اللي كنت اعيشه بطفولتي

مختلف تمامًا، ولا انكر ان وقعه كان قاسي تمامًا ايضًا..

كان يعيشني صراع بين ان اللي اشوفه غلط، فكيف يبغوني اشوفه صح بالقوة؟


كبرت والصراع لا يزال يتواجد.. الين لقيت الحل، اللي هو شفافية وصف الوضع

وتسمية الشيء بإسمه الحقيقي!

شفافيتي في وصف الأشياء اللي كان لها وقع كبير على طفولتي ونتيجتها

لما كبرت في خوفي وقلقي ونوبات الهلع ساعدوني كثير

فيه خيط رفيع بين الشفافية وبين الوقوع في عقلية الضحية، الأولى تساعدك تتجاوز

الثانية تتركك في نفس الدوامة عالق بدون تشافي وتقعد في دوامة اللوم

واللي عادي ترا اذا كنت تمر فيها محد مامر

ولكن ساعد نفسك تتجاوزها، بكل حب.. مو بجلد ذات وتأنيب و إكراه


اذا كنت تتساءل ليش اغابي عبارة عن تذكيرات

فأنا اعطيتك الجواب

واذا ماقد تساءلت، ولا انتبهت..

فأنا متأكدة انك الآن راح تنظر لكل اقسام هذا الموقع بعدسة مختلفة تمامًا


واذا وصلت لهنا، فأنا اشكرك من كل قلبي لأنك قرأت كل هذا

لعل وعسى.. فيه رسالة كانت لازم توصلك

وابغا اذكرك.. حتى لو كان مو منطقي لأن صوت العقل اكبر

 والعقل اساسًا يحب يرجعك ورا لأسباب كثيرة راح اتكلم عنها بعدين

ابغاك تتذكر انت دايم بلطف الله وحمايته، وراح تكون بخير


أحبك جدًا

واتمنى لك حياة مُحاطة بالحب.. بالتذكيرات اللي تحضنك وتستشعر وجود الحب من حولك


كل الحب والنور لقلبك وروحك


مودّه السريحي